ختلطت علينا الرؤي في الأخذ والعطاء اكتب إليكم عن السودان من أجل حريته وكرامته وانسانه، بعد غمد ما بين متواليات ثلاثية من حيث انظمة الحكم (البرلماني،العسكري،الانتقالي) وتكرر النظام الواحد ثلاث مرات بفوارق الازمان، استهل السودان النظام البرلماني وساعده في ذلك الإنجليز عبر دستور السودان المؤقت لعام 1956-1958م الديمقراطية الاولي حتي انقلاب عبود في 1958-1964م العسكرية الاولي ابعدت بأمر الشعب في1964-1965م الانتقالية الاولي(سرالختم) التي ارست الديمقراطية الثانية من 1965-1969م التي انتهت بالعسكرية الثانية(نميري) من1969-1984م وطعم المدنية لم يتزحزح بانحياز الجيش للشعب في الانتقالية الثانية (سوار الدهب) 1984-1985م من أجل ميلاد حكومة مدنية تقود السودان فكانت الديمقراطية الثالثة 1986-1989م ومن ثم عاود الجيش الي حكم السودان في 1989م العسكرية الثالثة (البشير) حتي عام 2019م، بعد العقم في صناع سياسة رئاسة الجمهورية في إيجاد مخرج للأوضاع السودانية في معاش وحركة ناسه، فكرر البشير احد السياسات التي ظل يتبعها بالبحث عن افاعي وعقارب سممت أوضاع البلاد، فقام بأكبر عملية تغيرات شهدتها البلاد شملت كل الأجهزة التنفيذية والعسكرية، قدم من المبررات ما لم تشفع له او تشغل الشعب بتخليه عن رئاسة الحزب بانه كرئيس جمهورية يريد ان يكون رئيس لكل الناس والتفرغ الرسمي للإشراف علي السياسة العليا للدولة فضلا عن تفرغه للإشراف علي الجيش، لكن في حقيقة الامر استبان ما لم يكن متوقع بعد إزالة النظام، بأن القرارات نتيجة لفقدان البشير السند من المؤسسة العسكرية والاقليم الشمالي داخل منظومته الحزبية ، فاختار عوض ابن عوف نائب رئيس ووزير دفاع والطاهر ايلا رئيساً للوزراء واحمد هارون نائباً رئيس الحزب مكلفا بالرئاسة وحمدوك وزيرا للمالية ورفض ذلك، مصاحبة لبروز اصوات معارضة للنهج المتبع من قبل الحزب بالداخل او ممارسات الحزب تجاه الوطن عبر بوابة الحكم، كمنت علة البشير في عدم مقدرته علي الحساب السياسي برؤياه بأن التعديلات ناجحة ودليل عافية دون ان يسأل نفسه (لماذا) تتوالي الثورات ضده منذ2012م التي لم تستطيع الاليات الحكومية المستخدمة في اخمادها وان ثورة 1964و1985م اظهر فيها الشعب السوداني بأنه كلما احترق انبعث من جديد اكثر قوة، ونتيجة للاحتراق بمعاش وصفوف الخدمات انتفي نظام الانقاذ بميلاد الحكومة الانتقالية الثالثة في 2019م قبل عام واحد من قيام الانتخابات.
اننا في سودانا اليوم في حاجة الي التماسك والتغافر نمهد ونؤسس الي دولة المدنية، فقد مررنا بتسع تجارب أنظمة حكم بخيرها وشرها بسدل الستار علي حلوها ومرها لفتح شموس الآمال وصروح البناء التي سوف تتحول الي دستور دائم ديمقراطية عبر الصناديق الصادقة المصدوقة بفكرها ومنهجها المخطوط والممارس بالصبر والمصابرة، لانا البناء الايجابي اصعب من الهدم السلبي.
ان النظر الي مستقبل السودان والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف علي تفاصيل الماضي المرير في هذه المرحلة التي تتميز بالهشاشة الأمنية وغياب توازن الإدارة، ان اهدار الوقت في مسح وشتم كل من له صلة بالنظام السابق فهو امرا خاطئي، بتفهمي للأسي الذي يعتصر قلوبكم ويؤثر علي عقولكم بامتثال مرارات الظلم السابقة، فالنهج الاقصائي قد يسبب متاعب خطيرة تضر بأي عملية انتقال من نظام عسكري الي مدني، فاليتذكر الكل ان اتباع النظام السابق هم مواطني لهذه الدولة فاحتواء المحسن ومحاسبة السيئ بالقانون هو اكبر هدية بالامكان ان تقدم لهذه المرحلة حتي يبني سودان عريض يسع الجميع، اعلم جيدا ان مثل هذا الحديث قد يزعجكم بأن تروا الوجوه القديمة تسند عمليات التغيير شجعوهم ولا تكبتوهم وثقوا بأن المجتمع لن ينتخب مرة اخري الا من ساهم في ميلاد حريته.
الصورة السودانية الحالية لا تختلف عن صورة جنوب افريقيا، فالسودانية سياسية والجنوب أفريقية اجتماعية، مانديلا خرج من السجن بعد حبسه وحمدوك ظهر بعد فصله وكلاهما قد وقع عليهم الظلم من النظام الذي سبق إدارتهم للحكم، مانديلا لامس بمقولته (ابدا ابدا ابدا لن تشهد هذه الأرض الجميلة مرة أخري اضطهاد البعض للآخرين)، وحمدوك قائلاً (انا رئيس وزراء كل السودانيين)، فحديث مانديلا تبرهن مع الأيام بأنه كان الخيار الامثل لولاه لانجرفت حنوب افريقيا الي حرب أهلية لو الحقيقة والمصالحة التي مارست تصارحا وتسامحا كل منهم الاخر والا لما كانت قصة جنوب افريقيا من اروع القصص التي مرت علي الإنسانية، فالتكن مقولة حمدوك شعارا نتسامي به حتي تتفرهد الديمقراطية التي ننشدها في سودانا ومفتاح حفظ لحكم المدنية.
ان المصالحة السياسية بين سياسي السودان عنصرا فاعلا في ترسيخ قواعد الوحدة الوطنية وإشاعة أجواء المحبة والانسجام بين مكوناته المختلفة ولمعالجة المخلفات المضرة والآثار التي تركها النظام السابق، حتي نصل الي الأهداف السامية والمقاصد الانسياسية التي خرج الشعب من أجلها.
علي السياسيين ان يتقوا الله ويسارعوا الي انهاء الداء، امتثالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أبغض الرجال الي الله الألد الخصم)، السياسة اخت الشيطان تحرص علي التحريش بين الناس وزرع الخصومات والعدوات وتفكيك الدول وتفريق شعوبها حتي لا نبحر في ذلك يتطلب الامر التالي علي كل من المؤتمر الوطني كقائد للنظام السابق والحرية والشعب زائدا التغيير كمحرك للنظام الحالي:-
المؤتمر الوطني: عليه بالاعتراف بأخطاء الماضي والاقرار بما ارتكب من جرم تجاه الوطن وشعبه والاقرار بالمسالك الهادية والمرشدة بعيدا عن طريق المعارضة المساندة حتي تعاد ثقة الشعب في منظومة الاحزاب، وتقديم الوثائق حول الفساد والجرائم التي ارتكبت للجهات العدلية المختصة ليحاسب كل من اقترف زنبا تجاه الوطن وانسانه حتي لا تضيع حقوق او تكرس مظالم، وان يعوا ان الموت يعطي للحياة معني فما معني الخلود في عالم مصيره الواحد الزوال.
الشعب عبر الحرية والتغيير عليها بأن تكن منظومة جامعة لكل اهل السودان بعيدا عن التحزبية والجغرافية متسامحه مع نفسها وغيرها دون نوازع كيوسف عليه السلام، عندما القوه اخوته في البئر وأخرجه السيارة فباعوه بيع العبيد وكادت به امرأة العزيز فزج في السجن وصبر على أذى الاخوة وكيد امرأة فكانت العاقبة أن نجاه الله تعالي ورفعه فوق اخوته وأقرت المرأة والنسوة ببراءته ومكن له تعالى في الارض وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم.
ختاما نستحضر التحديات الكبري للمسارات السودانية في عهد الانتقالية الثالثة دون التبحر اللغوي الأخذه في التوالي والانتشار، في ظل غياب الانساسية السودانية التي بإمكانها ان تؤسس مدنية دائمة يحتكم الشعب فيها الي الانتخابات لتحديد من يحكم فيحتكم الحكام للكيف الشعبي بمعتقده تجعل منه ثوابت دستورية دائمة يصعب من كسرها عبر اي انقلاب بارد او حار ، فالفكرة ليس باحتيال لغوي لتجنب ردود الأفعال الظلامية والرجعية، فالوقت لا يمضي الا عندما تهمله ويتوقف للحظه عندما تباغته فلا تكترث من مسكنات الآلم فاليكن التغيير بالتفكير في صناديق جديدة من أجل واقع جديد بالفكر والمنهج والتكتيكات والإستراتيجيات نحاول من خلالها ان نفهم مطلوبات المرحلة لبناء السودان كما نريده